فصل: تفسير الآيات (5- 6):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل



.تفسير الآية رقم (11):

{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11)}
روي: أن أهل المدينة أصابهم جوع وغلاء شديد، فقدم دحية بن خليفة بتجارة من زيت الشام والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة؛ فقاموا إليه، خشوا أن يسبقوا إليه، فما بقي معه إلا يسير. قيل: ثمانية، وأحد عشر، واثنا عشر، وأربعون، فقال عليه السلام: «والذي نفس محمد بيده، لو خرجوا جميعاً لأضرم الله عليهم الوادي ناراً» وكانوا إذا أقبلت العير استقبلوها بالطبل والتصفيق، فهو المراد باللهو، وعن قتادة: فعلوا ذلك ثلاث مرات في كل مقدم عير.
فإن قلت: فإن افتق تفرق الناس عن الإمام في صلاة الجمعة كيف يصنع؟ قلت: إن بقي وحده أو مع أقل من ثلاثة، فعند أبي حنيفة: يستأنف الظهر إذا نفروا عنه قبل الركوع. وعند صاحبيه: إذا كبر وهم معه مضى فيها. وعند زفر: إذا نفروا قبل التشهد بطلت.
فإن قلت: كيف قال: {إِلَيْهَا} وقد ذكر شيئين؟ قلت: تقديره إذا رأوا تجارة انفضوا إليها، أو لهوا انفضوا إليه؛ فحذف أحدهما لدلالة المذكور عليه، وكذلك قراءة من قرأ: {انفضوا إليه}. وقراءة من قرأ: {لهوا أو تجارة انفضوا إليها} وقرئ: {إليهما}.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الجمعة أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من أتى الجمعة وبعدد من لم يأتها في أمصار المسلمين».

.سورة المنافقون:

.تفسير الآيات (1- 3):

{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3)}
أرادوا بقولهم: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله} شهادة واطأت فيها قلوبهم ألسنتهم. فقال الله عزّ وجلّ: قالوا ذلك {والله يَعْلَمُ} أن الأمر كما يدل عليه قولهم: إنك لرسول الله، والله يشهد أنهم لكاذبون في قولهم: نشهد؛ وادعائهم فيه المواطأة. أو إنهم لكاذبون فيه، لأنه إذا خلا عن المواطأة لم يكن شهادة في الحقيقة؛ فهم كاذبون في تسميته شهادة. أو أراد: والله يشهد إنهم لكاذبون عند أنفسهم: لأنهم كانوا يعتقدون أنّ قولهم: {إِنَّكَ لَرَسُولُ الله} كذب وخبر على خلاف ما عليه حال المخبر عنه.
فإن قلت: أي فائدة في قوله تعالى: {والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ}؟ قلت: لو قال: قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يشهد إنهم الكاذبون، لكان يوهم أنّ قولهم هذا كذب؛ فوسط بينهما قوله: {والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ}؟ ليميط هذا الإيهام {اتخذوا أيمانهم جُنَّةً} يجوز أن يراد أنّ قولهم نشهد إنك لرسول الله يمين من أيمانهم الكاذبة، لأنّ الشهادة تجري مجرى الحلف فيما يراد به من التوكيد، يقول الرجل: أشهد وأشهد بالله، وأعزم وأعزم بالله في موضع أقسم وأولى. وبه استشهد أبو حنيفة رحمه الله على أن (أشهد) يمين. ويجوز أن يكون وصفاً للمنافقين في استجنانهم بالأيمان.
وقرأ الحسن البصري: إيمانهم، أي: ما أظهروه من الإيمان بألسنتهم. ويعضده قوله تعالى: {ذلك بِأَنَّهُمْ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُوا}. {سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} من نفاقهم وصدهم الناس عن سبيل الله. وفي {سَآءَ} معنى التعجب الذي هو تعظيم أمرهم عند السامعين {ذلك} إشارة إلى قوله: {سَآء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي ذلك القول الشاهد عليهم بأنهم أسوأ الناس أعمالا (ب) سبب (أنهم آمنوا ثم كفروا) أو إلى ما وصف من حالهم في النفاق والكذب والاستجنان بالأيمان، أي: ذلك كله بسبب أنهم آمنوا ثم كفروا {فَطُبِعَ على قُلُوبِهِمْ} فجسروا على كل عظيمة.
فإن قلت: المنافقون لم يكونوا إلا على الكفر الثابت الدائم، فما معنى قوله: {ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ}؟ قلت: فيه ثلاثة أوجه، أحدها: آمنوا، أي: نطقوا بكلمة الشهادة وفعلوا كما يفعل من يدخل في الإسلام، ثم كفروا: ثم ظهر كفرهم بعد ذلك وتبين بما أطلع عليه من قولهم: إن كان ما يقوله محمد حقاً فنحن حمير، وقولهم في غزوة تبوك: أيطمع هذا الرجل أن تفتح له قصور كسرى وقيصر هيهات. ونحوه قوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بالله مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الكفر وَكَفَرُواْ بَعْدَ إسلامهم} [التوبة: 74] أي: وظهر كفرهم بعد أن أسلموا. ونحوه قوله تعالى: {لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمانكم} [التوبة: 66] والثاني آمنوا: أي نطقوا بالإيمان عند المؤمنين، ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام، كقوله تعالى: {وَإِذَا لَقُواْ الذين ءَامَنُواْ} [البقرة: 14] إلى قوله تعالى: {إِنَّمَا نَحْنُ مستهزؤون} [البقرة: 14] والثالث: أن يراد أهل الردة منهم. وقرئ: {فطبع على قلوبهم}، وقرأ زيد بن علي: {فطبع الله}.

.تفسير الآية رقم (4):

{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4)}
كان عبد الله بن أبيّ رجلاً جسيماً صبيحاً، فصيحاً، ذلق اللسان وقوم من المنافقين في مثل صفته، وهم رؤساء المدينة، وكانوا يحضرون مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستندون فيه، ولهم جهارة المناظر وفصاحة الألسن؛ فكان النبي صلى الله عليه وسلم ومن حضر يعجبون بهياكلهم ويسمعون إلى كلامهم.
فإن قلت: ما معنى قوله: {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ}؟ قلت: شبهوا في استنادهم- وما هم إلا أجرام خالية عن الإيمان والخير- بالخشب المسندة إلى الحائط؛ ولأنّ الخشب إذا انتفع به كان في سقف أو جدار أو غيرهما من مظان الانتفاع، وما دام متروكاً فارغاً غير منتفع به أسند إلى الحائط، فشبهوا به في عدم الانتفاع. ويجوز أن يراد بالخشب المسندة: الأصنام المنحوتة من الخشب المسندة إلى الحيطان؛ شبهوا بها في حسن صورهم وقلة جدواهم؛ والخطاب في {رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ} لرسول الله، أو لكل من يخاطب. وقرئ: {يُسمع} على البناء للمفعول، وموضع {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ} رفع على هم كأنهم خشب. أو هو كلام مستأنف لا محل له. وقرئ: {خشب} جمع خشبة، كبدنة وبدن. وخشب، كثمرة وثمر. وخشب، كمدرة ومدر، وهي في قراءة ابن عباس.
وعن اليزيدي أنه قال في {خُشُبٌ}: جمع خشباء، والخشباء: الخشبة التي دعر جوفها: شبهوا بها في نفاقهم وفساد بواطنهم {عَلَيْهِمْ} ثاني مفعولي يحسبون، أي: يحسبون كل صيحة واقعة عليهم وضارة لهم، لجبنهم وهلعهم وما في قلوبهم من الرعب: إذا نادى مناد في العسكر أو انفلتت دابة أو أنشدت ضالة: ظنوه إيقاعاً بهم. وقيل: كانوا على وجل من أن ينزل الله فيهم ما يهتك أستارهم ويبيح دماءهم وأموالهم. ومنه أخذ الأخطل:
مَا زِلْتَ تَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ بَعْدَهُم ** خَيْلاَ تَكِرُّ عَلَيْهِمُ وَرِجَالاَ

يوقف على {عَلَيْهِمْ} ويبتدأ {هُمُ العدو} أي الكاملون في العداوة: لأنّ أعدى الأعداء العدوّ المداجي، الذي يكاشرك وتحت ضلوعه الداء الدوي {فاحذرهم} ولا تغترر بظاهرهم. ويجوز أن يكون {هُمُ العدو} المفعول الثاني، كما لو طرحت الضمير.
فإن قلت: فحقه أن يقال: هي العدوّ.
قلت: منظور فيه إلى الخبر، كما ذكر في {هذا رَبّى} [الأنعام: 76] وأن يقدر مضاف محذوف على: يحسبون كل أهل صحية {قاتلهم الله} دعاء عليهم، وطلب من ذاته أن يلعنهم ويخزيهم. أو تعليم للمؤمنين أن يدعوا عليهم بذلك {أنى يُؤْفَكُونَ} كيف يعدلون عن الحق تعجباً من جهلهم وضلالتهم.

.تفسير الآيات (5- 6):

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5) سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (6)}
{لَوَّوْاْ رُؤُوسَهُمْ} عطفوها وأما لوها إعراضاً عن ذلك واستكباراً. وقرئ بالتخفيف والتشديد للتكثير.

.تفسير الآيات (7- 8):

{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8)}
روى: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين لقي بني المصطلق على المريسيع وهو ماء لهم وهزمهم وقتل منهم: ازدحم على الماء جهجاه بن سعيد أجير لعمر يقود فرسه، وسنان الجهني حليف لعبد الله بن أبيّ، واقتتلا، فصرخ جهجاه يا للمهاجرين: وسنان: يا للأنصار؛ فأعان جهجاها جعَّال من فقراء المهاجرين ولطم سنانا. فقال عبد الله لجعال. وأنت هناك، وقال: ما صحبنا محمداً إلا لنلطم، والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال: سمن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل، عنى بالأعز: نفسه، وبالأذل، رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال لقومه: ماذا فعلتم بأنفسكم؟ أحللتموهم بلادكم وقاسمتموهم أموالكم؛ أما والله لو أمسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام لم يركبوا رقابكم، ولأوشكوا أن يتحوّلوا عنكم فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حول محمد، فسمع بذلك زيد بن أرقم وهو حدث، فقال: أنت والله الذليل القليل المبغض في قومك، ومحمد في عزّ من الرحمن وقوّة من المسلمين، فقال عبد الله: اسكت فإنما كنت ألعب؛ فأخبر زيد رسول الله فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق يا رسول الله، فقال: إذن ترعد أنف كثيرة بيثرب. قال: فإن كرهت أن يقتله مهاجري. فأمر به أنصارياً فقال: فكيف إذا تحدّث الناس أنّ محمداً يقتل أصحابه؛ وقال عليه الصلاة والسلام لعبد الله: أنت صاحب الكلام الذي بلغني؟ قال: والله الذي أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئاً من ذلك، وإن زيداً لكاذب، وهو قوله تعالى: {اتخذوا أيمانهم جُنَّةً} [المنافقون: 2] فقال الحاضرون: يا رسول الله: شيخنا وكبيرنا لا تصدق عليه كلام غلام، عسى أن يكون قد وهم. وروى أن رسول الله قال له: لعلك غضبت عليه؛ قال: لا؛ قال: فلعله أخطأ سمعك؛ قال: لا؛ قال: فلعله شبه عليك؛ قال: لا. فلما نزلت: لحق رسول الله زيداً من خلفه فعرك أذنه وقال: وفت أذنك يا غلام، إنّ الله قد صدقك وكذب المنافقين. ولما أراد عبد الله أن يدخل المدينة: اعترضه ابنه حباب، وهو عبد الله بن عبد الله غير رسول الله اسمه، وقال: إنّ حباباً اسم شيطان. وكان مخلصاً وقال: وراءك، والله؛ لا تدخلها حتى تقول رسول الله الأعز وأنا الأذل، فلم يزل حبيساً في يده حتى أمره رسول الله بتخليته.
وروي أنه قال له: لئن لم تقرّ لله ورسوله بالعز لأضربن عنقك، فقال: ويحك، أفاعل أنت؟ قال: نعم. فلما رأى منه الجدّ قال: أشهد أنّ العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فقال رسول الله لابنه: «جزاك الله عن رسوله وعن المؤمنين خيراً»
؛ فلما بان كذب عبد الله قيل له: قد نزلت فيك آي شداد، فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك، فلوى رأسه ثم قال: أمرتموني أن أومن فآمنت، وأمرتموني أن أزكي مالي فزكيت، فما بقي إلا أن أسجد لمحمد، فنزلت: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ الله} [المنافقون: 5] ولم يلبث إلا أياماً قلائل حتى اشتكى ومات {سَوآءً عَلَيْهِمْ} الاستغفار وعدمه، لأنهم لا يلتفتون إليه ولا يعتدون به لكفرهم. أو لأن الله لا يغفر لهم. وقرئ: {استغفرت} على حذف حرف الاستفهام؛ لأنّ (أم) المعادلة تدل عليه.
وقرأ أبو جعفر {آستغفرت}، إشباعاً لهمزة الاستفهام للإظهار والبيان، لا قلبا لهمزة الوصل ألفاً، كما في: آلسحر، وآلله {يَنفَضُّواْ} يتفرقوا. وقرئ: {ينفضوا} من أنفض القوم إذا فنيت أزوادهم. وحقيقته: حان لهم أن ينفضوا مزاودهم {وَلِلَّهِ خَزآئِنُ السماوات والأرض} وبيده الأرزاق والقسم، وهو رازقهم منها؛ وإن أبي أهل المدينة أن ينفقوا عليهم، ولكن عبد الله وأضرابه جاهلون {لاَّ يَفْقَهُونَ} ذلك فيهذون بما يزين لهم الشيطان. وقرئ: {ليخرجنّ الأعز منها الأذل} بفتح الياء. وليخرجنّ، على البناء للمفعول. قرأ الحسن وابن أبي عبلة: لنخرجنّ، بالنون ونسب الأعز والأذل. ومعناه: خروج الأذل. أو إخراج الأذل. أو مثل الأذل {وَلِلَّهِ العزة} الغلبة والقوّة، ولمن أعزه الله وأيده من رسوله ومن المؤمنين، وهم الأخصاء بذلك، كما أنّ المذلة والهوان للشيطان وذويه من الكافرين والمنافقين.
وعن بعض الصالحات- وكانت في هيئة رثة- ألست على الإسلام؟ وهو العز الذي لا ذل معه، والغنى الذي لا فقر معه.
وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما: أنّ رجلاً قال له: إنّ الناس يزعمون أنّ فيك تيهاً؛ قال: ليس بتيه، ولكنه عزة، وتلا هذه الآية.